الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : قال أبو محمد : فَاخْتَلَفَ النَّاسُ , مَنْ هُوَ الْمُحَارِبُ الَّذِي يَلْزَمُهُ هَذَا الْحُكْمُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الْمُحَارِبُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الآيَةِ : هُمْ الْمُشْرِكُونَ. رُوِيَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ كَمَا ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ هُوَ الْمُقَدَّمِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى , وَخَالِدٌ هُمَا الْقَطَّانُ وَأَبُو الْحَارِثِ , كِلاَهُمَا عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : هُوَ الْمُرْتَدُّ كَمَا ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْجَعْفَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ الإدفوي ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ النَّحْوِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلاَمِ عَنْ أَبِي الأَزْهَرِ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : إذَا خَرَجَ الْمُسْلِمُ فَشَهَرَ سِلاَحَهُ , ثُمَّ تَلَصَّصَ , ثُمَّ جَاءَ تَائِبًا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَوْ تُرِكَ لَبَطَلَتْ الْعُقُوبَاتُ , إِلاَّ أَنْ يَلْحَقَ بِبِلاَدِ الشِّرْكِ ثُمَّ يَأْتِيَ تَائِبًا : فَتُقْبَلُ مِنْهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : اللِّصُّ لَيْسَ مُسْلِمًا كَمَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ : سَأَلْت نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ لِصٍّ مُسْلِمٍ , أَوْ كَافِرٍ أَتَى مُسْلِمًا وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ , وَيُهْرِيقَ دَمَهُ قَالَ : لَوْ كُنْت أَنَا امْتَنَعْت هَذَا الَّذِي يَسْتَغِيلُنِي لِيُهْرِيقَ دَمِي , وَيَأْخُذَ مَالِي , لَيْسَ بِمُسْلِمٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : كُلُّ لِصٍّ فَهُوَ مُحَارِبٌ : كَمَا ، حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ , وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , قَالاَ جَمِيعًا : مَنْ خَرَّبَ فَهُوَ مُحَارِبٌ قال أبو محمد : الْمُحَارِبُ اللِّصُّ : حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ : اللِّصُّ مُحَارِبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَاقْتُلْهُ , فَمَا أَصَابَك فِيهِ مِنْ شَيْءٍ مِنْ دَمِهِ فَعَلَيَّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ يَكُونُ الْمُحَارِبُ إِلاَّ مَنْ أَخَافَ السَّبِيلَ : كَمَا ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ قَالَ : جَاءَ مِسْعَرُ بْنُ فَدْكِيٍّ وَهُوَ مُتَنَكِّرٌ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , فَمَا تَرَكَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِيهَا تَشْدِيدٌ إِلاَّ سَأَلَهُ عَنْهَا , وَهُوَ يَقُولُ , لَهُ تَوْبَةٌ , قَالَ : وَإِنْ كَانَ مِسْعَرَ بْنَ فَدْكِيٍّ قَالَ : وَإِنْ كَانَ مِسْعَرَ بْنَ فَدْكِيٍّ , قَالَ : فَقُلْت لَهُ : فَأَنَا مِسْعَرُ بْنُ فَدْكِيٍّ فَأَمِّنِّي قَالَ : أَنْتَ آمِنٌ , قَالَ : وَكَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ , وَيَسْتَحِلُّ الْفُرُوجَ. وَبِهِ إلَى إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّ حَارِثَةَ بْنَ بَدْرٍ التَّمِيمِيَّ كَانَ عَدُوًّا لِعَلِيٍّ وَكَانَ يَهْجُوهُ فَأَتَى الْحَسَنَ , وَالْحُسَيْنَ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ ، رضي الله عنهم ، لِيَأْخُذُوا لَهُ أَمَانًا , فَأَبَى عَلِيٌّ أَنْ يُؤَمِّنَهُ , قَالَ سَعِيدٌ : فَانْطَلَقْت إلَى عَلِيٍّ فَقُلْت : مَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا قَالَ : أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ الآيَةَ قُلْت : إِلاَّ مَاذَا قَالَ : إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ قُلْت : فَإِنَّ حَارِثَةَ بْنَ بَدْرٍ قَدْ تَابَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ , قَالَ : هُوَ آمِنٌ , قَالَ : فَانْطَلَقْت بِحَارِثَةَ إلَى عَلِيٍّ فَآمَنَهُ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبِ الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ , وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ , قَالاَ جَمِيعًا فِي هَذِهِ الآيَةِ إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ : هَذِهِ الآيَةُ فِي اللِّصِّ الَّذِي يَقْطَعُ الطَّرِيقَ فَهُوَ مُحَارِبٌ قال أبو محمد : ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلاَءِ : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : حَيْثُمَا قَطَعَ الطَّرِيقَ فِي مِصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ مُحَارِبٌ : كَمَا كَتَبَ إلَيَّ أَبُو الْمُرَجَّى بْنُ ذَرْوَانَ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الرَّحَبِيُّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْكَاتِبُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُغَلِّسِ قَالَ : ذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ : سَأَلْت الْحَسَنَ عَنْ رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلاً بِالسَّيْفِ بِالْبَصْرَةِ قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ : مَنْ شَهَرَ السِّلاَحَ فَهُوَ مُحَارِبٌ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ طَاوُوس : سَمِعْته يَقُولُ : مَنْ رَفَعَ السِّلاَحَ ثُمَّ وَضَعَهُ : مُحَارِبٌ , فَدَمُهُ هَدَرٌ قَالَ : وَكَانَ طَاوُوس يَرَى هَذَا أَيْضًا. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَمَةَ الْكِنَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَلِيلٍ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلَّافُ فَقِيهُ أَهْلِ مِصْرَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ني عَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ : أَنَّ غُلاَمًا كَانَ لِبَانِي , فَكَانَ بَانِي يَضْرِبُهُ فِي أَشْيَاءَ يُعَاقِبُهُ فِيهَا , فَكَانَ الْغُلاَمُ يُعَادِي سَيِّدَهُ , فَبَاعَهُ بَانِي , فَلَقِيَهُ الْغُلاَمُ يَوْمًا وَمَعَ الْغُلاَمِ سَيْفٌ يَحْمِلُهُ وَذَلِكَ فِي إمْرَةِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَشَهَرَ الْغُلاَمُ السَّيْفَ عَلَى بَانِي وَتَفَلَّتَ بِهِ عَلَيْهِ , فَأَمْسَكَهُ عَنْهُ النَّاسُ , فَدَخَلَ بَانِي عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرَهَا بِمَا فَعَلَ بِهِ الْعَبْدُ , فَقَالَتْ عَائِشَةُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَفِيهِ : أَنَّ الْغُلاَمَ قُتِلَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَدِينِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إذَا تَسَوَّرَ عَلَيْهِمْ فِي بُيُوتِهِمْ بِالسِّلاَحِ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ. وَبِهِ إلَى إسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : إذَا طَرَقَك اللِّصُّ بِاللَّيْلِ فَهُوَ مُحَارِبٌ. وَبِهِ إسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : إذَا دَخَلَ عَلَيْك وَمَعَهُ حَدِيدَةٌ فَهُوَ مُحَارِبٌ. قَالَ إسْمَاعِيلُ : وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : إذَا طَرَقَك اللِّصُّ بِاللَّيْلِ فَهُوَ مُحَارِبٌ. وَبِهَذَا يَأْخُذُ الشَّافِعِيُّ , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُهُمَا. وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ , فَمَرَّةً قَالَ : لاَ تَكُونُ الْمُحَارَبَةُ إِلاَّ فِي الصَّحْرَاءِ وَمَرَّةً قَالَ : تَكُونُ الْمُحَارَبَةُ فِي الصَّحْرَاءِ , وَفِي الأَمْصَارِ. وَقَالَ سُفْيَانُ : لاَ تَكُونُ الْمُحَارَبَةُ إِلاَّ فِي الصَّحْرَاءِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ : لاَ تَكُونُ الْمُحَارَبَةُ فِي مَدِينَةٍ , وَلاَ فِي مِصْرٍ , وَلاَ بِقُرْبِ مَدِينَةٍ , وَلاَ بِقُرْبِ مِصْرٍ ، وَلاَ بَيْنَ مَدِينَتَيْنِ , وَلاَ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ ثُمَّ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، أَنَّهُ قَالَ : إذْ كَابَرُوا أَهْلَ مَدِينَةٍ لَيْلاً , كَانُوا فِي حُكْمِ الْمُحَارَبَةِ. وقال أبو حنيفة : مَنْ شَهَرَ عَلَى آخَرَ سِلاَحًا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ عَمْدًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , فَإِنْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا نَهَارًا فِي مِصْرٍ فَقَتَلَهُ عَمْدًا قُتِلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّيْلِ فِي مِصْرٍ , أَوْ فِي مَدِينَةٍ , أَوْ فِي طَرِيقٍ فِي غَيْرِ مَدِينَةٍ , فَلاَ شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَطْلُبَ الْحَقَّ مِنْ أَقْوَالِهِمْ , لِنَعْلَمَ الصَّوَابَ فَنَتَّبِعُهُ بِمَنِّ اللَّهِ تَعَالَى فَنَظَرْنَا فِيمَا تَحْتَجُّ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا : فَنَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ : إنَّ الْمُحَارِبَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مُشْرِكًا أَوْ مُرْتَدًّا , فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ : مَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيّ , أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ : زَانٍ مُحْصَنٌ , يُرْجَمُ , أَوْ رَجُلٌ قَتَلَ مُتَعَمِّدًا , فَيُقْتَلُ أَوْ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ الإِسْلاَمِ فَيُحَارِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , فَيُقْتَلُ أَوْ يُصَلَّبُ أَوْ يُنْفَى مِنْ الأَرْضِ. وَبِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ آنِفًا مِنْ قَوْلِهِ : مَا نَعْلَمُ أَحَدًا حَارَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَشْرَكَ قال أبو محمد رحمه الله : فَنَظَرْنَا فِيمَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ لاَ يَصِحُّ ; لأََنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ " مَا نَعْلَمُ أَحَدًا حَارَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَشْرَكَ " فَإِنَّ مُحَارَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى , وَمُحَارَبَةَ رَسُولِهِ عليه السلام تَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا مِنْ مُسْتَحِلٍّ لِذَلِكَ , فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا , لاَ خِلاَفَ فِي ذَلِكَ إِلاَّ مِمَّنْ لاَ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الإِسْلاَمِ وَتَكُونُ مِنْ فَاسِقٍ عَاصٍ مُعْتَرِفٍ بِجُرْمِهِ , فَلاَ يَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا , لَكِنْ كَسَائِرِ الذُّنُوبِ , مِنْ الزِّنَا , وَالْقَتْلِ , وَالْغَصْبِ , وَشُرْبِ الْخَمْرِ , وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ , وَالْمَيْتَةِ , وَالدَّمِ , وَتَرْكِ الصَّلاَةِ , وَتَرْكِ الزَّكَاةِ , وَتَرْكِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ , وَتَرْكِ الْحَجِّ : فَهَذَا لاَ يَكُونُ كَافِرًا , لِمَا قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ فِي " كِتَابِ الْفَصْلِ " وَغَيْرِهِ. وَيَجْمَعُ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَاعِلُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْعَظَائِمِ كَافِرًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ , لَكَانَ مُرْتَدًّا بِلاَ شَكٍّ , وَلَوْ كَانَ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا لَوَجَبَ قَتْلُهُ , لأََمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ مَنْ ارْتَدَّ , وَبَدَّلَ دِينَهُ وَهَذَا لاَ يَقُولُهُ مُسْلِمٌ قال أبو محمد : فإن قال قائل : إنَّنَا لاَ نُسَلِّمُ أَنَّ مَنْ عَصَى بِغَيْرِ الْكُفْرِ لاَ يَكُونُ مُحَارِبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ عليه السلام قلنا لَهُ : وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : {قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ عَاصٍ مُحَارِبًا , وَلاَ كُلُّ مُحَارِبٍ كَافِرًا , ثُمَّ نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا , فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَكَمَ فِي الْمُحَارِبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْقَتْلِ , أَوْ الصَّلْبِ , أَوْ قَطْعِ الأَيْدِي وَالأَرْجُلِ مِنْ خِلاَفٍ , أَوْ النَّفْيِ مِنْ الأَرْضِ وَإِسْقَاطُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ , فَلَوْ كَانَ الْمُحَارِبُ الْمَأْمُورُ فِيهِ بِهَذِهِ الأَوَامِرِ كَافِرًا : لَمْ يَخْلُ مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ , لاَ رَابِعَ لَهَا : إمَّا أَنْ يَكُونَ حَرْبِيًّا مُذْ كَانَ. وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ ذِمِّيًّا فَنَقَضَ الذِّمَّةَ وَحَارَبَ فَصَارَ حَرْبِيًّا. وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ إلَى الْكُفْرِ. لاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ ضَرُورَةً , وَلاَ يُمْكِنُ ، وَلاَ يُوجَدُ غَيْرُهَا , فَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا مُذْ كَانَ , فَلاَ يَخْتَلِفُ مِنْ الْأُمَّةِ اثْنَانِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ هَذَا حُكْمُ الْحَرْبِيِّينَ وَإِنَّمَا حُكْمُ الْحَرْبِيِّينَ الْقَتْلُ فِي اللِّقَاءِ كَيْفَ أَمْكَنَ حَتَّى يُسْلِمُوا , أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ , وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ كِتَابِيًّا فِي قَوْلِنَا وَقَوْلِ طَوَائِفَ مِنْ النَّاسِ. أَوْ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَيِّ دِينٍ كَانَ مَا لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا فِي قَوْلِ غَيْرِنَا. أَوْ يُؤْسَرَ فَيَكُونُ حُكْمُهُ ضَرْبَ الْعُنُقِ فَقَطْ بِلاَ خِلاَفٍ , كَمَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ , وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ , وَبَنِي قُرَيْظَةَ , وَغَيْرَهُمْ , أَوْ يُسْتَرَقَّ , أَوْ يُطْلَقَ إلَى أَرْضِهِ , كَمَا أَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ الْحَنَفِيَّ , وَأَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ وَغَيْرَهُمَا. أَوْ يُفَادَى بِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ الصَّلْبُ , وَلاَ قَطْعُ الأَيْدِي وَالأَرْجُلِ , وَلاَ النَّفْيُ , مِنْ أَحْكَامِهِمْ. فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُحَارِبُ الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ حَرْبِيًّا كَافِرًا وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا فَنَقَضَ الْعَهْدَ فَلِلنَّاسِ فِيهِ أَقْوَالٌ ثَلاَثَةٌ لاَ رَابِعَ لَهَا : أَحَدُهَا أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى حُكْمِ الْحَرْبِيِّينَ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا. وَالثَّانِي أَنَّهُ مُحَارِبٌ حَتَّى يُقْدَرَ عَلَيْهِ فَيُرَدَّ إلَى ذِمَّتِهِ كَمَا كَانَ ، وَلاَ بُدَّ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ إِلاَّ الإِسْلاَمُ أَوْ السَّيْفُ. وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بَيْنَ الذِّمِّيِّ يَنْقُضُ الْعَهْدَ فَيَصِيرُ حَرْبِيًّا وَبَيْنَ الذِّمِّيِّ يُحَارِبُ فَيَكُونُ لَهُ عِنْدَهُمْ حُكْمُ الْمُحَارِبِ الْمَذْكُورِ فِي الآيَةِ , لاَ حُكْمُ الْحَرْبِيِّ فَصَحَّ بِلاَ خِلاَفٍ أَنَّ الذِّمِّيَّ النَّاقِضَ لِذِمَّتِهِ الْمُنْتَقِلَ إلَى حُكْمِ أَهْلِ الْحَرْبِ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمُحَارِبِ الْمَذْكُورِ فِي الآيَةِ بِلاَ خِلاَفٍ. وَبَيَّنَ هَذَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَيْضًا فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الصَّلْبُ , وَلاَ قَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ , وَلاَ النَّفْيُ مِنْ الأَرْضِ فَصَحَّ بِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُحَارِبَ لَيْسَ كَافِرًا أَصْلاً , إذْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْكُفْرِ , وَلاَ لأََحَدٍ مِنْ الْكُفَّارِ : حُكْمُ الْمُحَارِبِ. وَالرِّوَايَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهَا الْحَسَنُ بْنُ وَاقِدٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَهُوَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لاَ مُسْنَدًا , فَإِذْ قَدْ صَحَّ مَا ذَكَرْنَا يَقِينًا فَقَدْ ثَبَتَ بِلاَ شَكٍّ أَنَّ الْمُحَارِبَ إنَّمَا هُوَ مُسْلِمٌ عَاصٍ , فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَالْوَاجِبُ : أَنْ نَنْظُرَ مَا الْمَعْصِيَةُ الَّتِي بِهَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُحَارِبًا وَأَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُ الْمُحَارِبِ فَنَظَرْنَا فِي جَمِيعِ الْمَعَاصِي مِنْ الزِّنَا , وَالْقَذْفِ , وَالسَّرِقَةِ , وَالْغَصْبِ , وَالسِّحْرِ , وَالظُّلْمِ , وَشُرْبِ الْخَمْرِ , وَالْمُحَرَّمَاتِ , أَوْ أَكْلِهَا , وَالْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ , وَالزِّنَا , وَغَيْرِ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا جَمِيعَ هَذِهِ الْمَعَاصِي لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ جَاءَ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ فِي أَنَّهُ مُحَارِبٌ , فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ شَيْءٍ مِنْهَا مُحَارِبًا. وَأَيْضًا فَإِنَّ جَمِيعَ الْمَعَاصِي الَّتِي ذَكَرْنَا وَاَلَّتِي لَمْ نَذْكُرْ لاَ تَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا : إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا نَصٌّ بِحَدٍّ مَحْدُودٍ أَوْ لاَ يَكُونَ فِيهَا نَصٌّ بِحَدٍّ مَحْدُودٍ , فَالَّتِي فِيهَا النَّصُّ بِحَدٍّ مَحْدُودٍ فَهِيَ الرِّدَّةُ , وَالزِّنَا , وَالْقَذْفُ , وَالْخَمْرُ , وَالسَّرِقَةُ , وَجَحْدُ الْعَارِيَّةِ وَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْهَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ فِي الْمُحَارِبِ فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمَعَاصِي مُحَارَبَةً وَهَذَا أَيْضًا إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ وَأَمَّا مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى حَدٌّ مَحْدُودٌ لاَ فِي الْقُرْآنِ ، وَلاَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ أَنْ يُلْحِقَهَا بِحَدِّ الْمُحَارَبَةِ , فَيَكُونُ شَارِعًا فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى , وَهَذَا لاَ يَحِلُّ , بَلْ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ. فَوَجَبَ يَقِينًا أَنْ لاَ يُسْتَبَاحَ دَمُ أَحَدٍ , وَلاَ بَشَرَتُهُ , وَلاَ مَالُهُ , وَلاَ عِرْضُهُ إِلاَّ بِنَصٍّ وَارِدٍ فِيهِ بِعَيْنِهِ , مِنْ قُرْآنٍ , أَوْ سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، رَاجِعٍ إلَى تَوْقِيفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي الْمَذْكُورَةِ هِيَ الْمُحَارَبَةُ , فَإِذْ لاَ شَكَّ فِي هَذَا فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَاطِعُ الطَّرِيقِ , وَالْبَاغِي , فَهُمَا جَمِيعًا مُقَاتِلاَنِ , الْمُقَاتَلَةُ هِيَ الْمُحَارَبَةُ فِي اللُّغَةِ : فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا " الْبَاغِي " قَدْ وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ , بِأَنْ يُقَاتَلَ حَتَّى يَفِيءَ فَقَطْ , فَيُصْلَحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبْغِيِّ عَلَيْهِ , فَخَرَجَ الْبَاغِي عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُ الْمُحَارَبِينَ , فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ " قَاطِعُ الطَّرِيقِ , وَمُخِيفُ السَّبِيلِ " هَذَا مُفْسِدٌ فِي الأَرْضِ بِيَقِينٍ , وَقَدْ قَالَ جُمْهُورُ النَّاسِ : إنَّهُ هُوَ الْمُحَارِبُ الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ , وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ , وَقَدْ بَطَلَ كَمَا قَدَّمْنَا أَنْ يَكُونَ كَافِرًا , وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فِي أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي : إنَّهُ الْمُحَارِبُ الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ , إِلاَّ قَاطِعُ الطَّرِيقِ الْمُخِيفِ فِيهَا , أَوْ فِي اللِّصِّ فَصَحَّ أَنَّ مُخِيفَ السَّبِيلِ الْمُفْسِدَ فِيهَا : هُوَ الْمُحَارِبُ الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ بِلاَ شَكٍّ. وَبَقِيَ أَمْرُ اللِّصِّ فَنَظَرْنَا فِيهِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَوَجَدْنَاهُ إنْ دَخَلَ مُسْتَخْفِيًا لِيَسْرِقَ , أَوْ لِيَزْنِيَ , أَوْ لِيَقْتُلَ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُخْتَفِيًا فَإِنَّمَا هُوَ سَارِقٌ , عَلَيْهِ مَا عَلَى السَّارِقِ , لاَ مَا عَلَى الْمُحَارِبِ بِلاَ خِلاَفٍ. أَوْ إنَّمَا هُوَ زَانٍ , فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الزَّانِي , لاَ مَا عَلَى الْمُحَارِبِ بِلاَ خِلاَفٍ. أَوْ إنَّمَا هُوَ قَاتِلٌ , فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْقَاتِلِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ , فِيمَنْ قَتَلَ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ قَدْ خَالَفَ فِي هَذَا قَوْمٌ خِلاَفًا لاَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ , فَإِنْ اُشْتُهِرَ أَمْرُهُ فَفَرَّ وَأَخَذَ , فَلَيْسَ مُحَارِبًا ; لأََنَّهُ لَمْ يُحَارِبْ أَحَدًا , وَإِنَّمَا هُوَ عَاصٍ فَقَطْ , وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ لَهُ حُكْمُ الْمُحَارَبَةِ , لَكِنْ حُكْمُ مَنْ فَعَلَ مُنْكَرًا , فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ التَّعْزِيرُ وَإِنْ دَافَعَ وَكَابَرَ : فَهُوَ مُحَارِبٌ بِلاَ شَكٍّ ; لأََنَّهُ قَدْ حَارَبَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ , وَأَفْسَدَ فِي الأَرْضَ , فَلَهُ حُكْمُ الْمُحَارِبِ كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ , وَغَيْرُهُ. قال أبو محمد رحمه الله : وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : لاَ تَكُونُ الْمُحَارَبَةُ إِلاَّ فِي الصَّحْرَاءِ , أَوْ مَنْ قَالَ : لاَ تَكُونُ الْمُحَارَبَةُ فِي الْمُدُنِ إِلاَّ لَيْلاً : فَقَوْلاَنِ فَاسِدَانِ , وَدَعْوَتَانِ سَاقِطَتَانِ , بِلاَ برهان , لاَ مِنْ قُرْآنٍ , وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ , وَلاَ سَقِيمَةٍ , وَلاَ مِنْ إجْمَاعٍ , وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ , وَلاَ مِنْ رَأْيٍ سَدِيدٍ , وَمَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ هَانَ عِنْدَهُ الْكَذِبُ عَلَى الْأُمَّةِ كُلِّهَا , فَيَقُولُ : مَنْ حَارَبَ فِي الصَّحْرَاءِ فَقَدْ صَحَّ عَلَيْهِ اسْمُ مُحَارِبٍ وَمِنْ كِتَابِ الْمُحَارِبِينَ قال أبو محمد رحمه الله : فَإِنْ اعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ فِي أَنَّ الْمُحَارِبَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مَنْ شَهَرَ السِّلاَحَ : بِمَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ أرنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ شَهَرَ سَيْفَهُ ثُمَّ وَضَعَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ قَالَ إِسْحَاقُ : أرناه عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ , وَلَمْ يَرْفَعْهُ , يُرِيدُ , أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ كَلاَمِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ ابْنُ شُعَيْبٍ : وَأَنَا أَبُو دَاوُد ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : مَنْ رَفَعَ السِّلاَحَ ثُمَّ وَضَعَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَنَا مَالِكٌ , وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ : أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا كُلُّهُ حَقٌّ , وَآثَارٌ صِحَاحٌ لاَ يَضُرُّهَا إيقَافُ مَنْ أَوْقَفَهَا , إِلاَّ أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِيهَا لِمَنْ لَمْ يَرَ الْمُحَارِبَ إِلاَّ مَنْ حَارَبَ بِسِلاَحٍ ; لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا ذَكَرَ فِي هَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ : مَنْ وَضَعَ سَيْفَهُ وَشَهَرَ سِلاَحَهُ فَقَطْ , وَسَكَتَ عَمَّا عَدَا ذَلِكَ فِيهَا , وَلَمْ يَقُلْ عليه السلام أَنْ لاَ مُحَارِبَ إِلاَّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ , فَوَجَبَ مِنْ هَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ حُكْمُ مَنْ حَمَلَ السِّلاَحَ وَبَقِيَ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَحْمِلْ السِّلاَحَ أَنْ يُطْلَبَ فِي غَيْرِهِمَا فَفَعَلْنَا , فَوَجَدْنَا : مَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ ثنا ابْنُ مَيْمُونٍ عَنْ غَيْلاَنِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِهِ وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لاَ يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا ، وَلاَ يَفِي بِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي. فَقَدْ عَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَسْمَعُ " الضَّرْبَ " وَلَمْ يَقُلْ بِسِلاَحٍ , وَلاَ غَيْرِهِ. فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ حِرَابَةٍ بِسِلاَحٍ , أَوْ بِلاَ سِلاَحٍ فَسَوَاءٌ قَالَ : فَوَجَبَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُحَارِبَ : هُوَ الْمُكَابِرُ الْمُخِيفُ لأََهْلِ الطَّرِيقِ , الْمُفْسِدُ فِي سَبِيلِ الأَرْضِ سَوَاءً بِسِلاَحٍ , أَوْ بِلاَ سِلاَحٍ أَصْلاً سَوَاءً لَيْلاً , أَوْ نَهَارًا فِي مِصْرٍ , أَوْ فِي فَلاَةٍ أَوْ فِي قَصْرِ الْخَلِيفَةِ , أَوْ الْجَامِعِ سَوَاءً قَدَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ إمَامًا , أَوْ لَمْ يُقَدِّمُوا سِوَى الْخَلِيفَةِ نَفْسِهِ فَعَلَ ذَلِكَ بِجُنْدِهِ أَوْ غَيْرِهِ مُنْقَطِعِينَ فِي الصَّحْرَاءِ , أَوْ أَهْلِ قَرْيَةٍ سُكَّانًا فِي دُورِهِمْ , أَوْ أَهْلِ حِصْنٍ كَذَلِكَ , أَوْ أَهْلِ مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ , أَوْ غَيْرِ عَظِيمَةٍ كَذَلِكَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ كُلُّ مَنْ حَارَبَ الْمَارَّ , وَأَخَافَ السَّبِيلَ بِقَتْلِ نَفْسٍ , أَوْ أَخْذِ مَالٍ , أَوْ لِجِرَاحَةٍ , أَوْ لأَنْتِهَاكِ فَرْجٍ : فَهُوَ مُحَارِبٌ , عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ كَثُرُوا أَوْ قَلُّوا حُكْمُ الْمُحَارِبِينَ الْمَنْصُوصُ فِي الآيَةِ ; لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ , إذْ عَهِدَ إلَيْنَا بِحُكْمِ الْمُحَارِبِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ هَذِهِ الْوُجُوهِ لَمَا أَغْفَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , وَلاَ نَسِيَهُ ، وَلاَ أَعْنَتَنَا بِتَعَمُّدِ تَرْكِ ذِكْرِهِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ لَنَا غَيْرُهُ بِالتَّكَهُّنِ وَالظَّنِّ الْكَاذِبِ. قال أبو محمد رحمه الله : قَالَ قَوْمٌ : يَجِبُ أَنْ يُعْطَى الْمُحَارِبُونَ الشَّيْءَ الَّذِي لاَ يُجْحِفُ بِالْمَقْطُوعِ عَلَيْهِمْ , وَرَأَوْا ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الأَمْوَالِ لِغَيْرِ الْمُحَارِبِينَ قال أبو محمد رحمه الله : وَاَلَّذِي نَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ : إنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَوْا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شَيْئًا قَلَّ أَمْ كَثُرَ سَوَاءٌ مُحَارِبًا كَانَ أَوْ شَيْطَانًا. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْله تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : فَلاَ يَخْلُو أَخْذُ الْمَالِ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ الظُّلْمِ , وَالْغَلَبَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ , لاَ ثَالِثَ لَهُمَا : إمَّا أَنْ يَكُونَ بِرًّا وَتَقْوَى أَوْ يَكُونَ إثْمًا وَعُدْوَانًا. وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِرًّا ، وَلاَ تَقْوًى , وَلَكِنَّهُ إثْمٌ وَعُدْوَانٌ بِلاَ خِلاَفٍ , وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ : حَرَامٌ لاَ يَحِلُّ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ مَخْلَدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي قَالَ : فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ قَالَ : أَرَأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي قَالَ : قَاتِلْهُ قَالَ : أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي قَالَ : فَأَنْتَ شَهِيدٌ , قَالَ : أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ قَالَ : هُوَ فِي النَّارِ. وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ , قَالاَ جَمِيعًا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أرنا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَا سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَبَيْنَ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَا كَانَ تَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ , رَكِبَ خَالِدُ بْنُ الْعَاصِ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , فَوَعَظَهُ خَالِدٌ , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ هُوَ سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ , وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ , وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلْمَانُ ، هُوَ ابْنُ دَاوُد الْهَاشِمِيُّ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ ، هُوَ ابْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ , وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ , وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ , وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو ، هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُطَرِّفٍ ، هُوَ ابْنُ أَبِي طَرِيفٍ عَنْ سَوَادَةَ ، هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ : كُنْت جَالِسًا عِنْدَ سُوَيْد بْنِ مُقْرِنٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلِمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيّ ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ : بسم الله الرحمن الرحيم هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , وَاَلَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا , وَمِنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلاَ يُعْطِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ مَنْ سُئِلَ مَالَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ أَنْ لاَ يُعْطِيَهُ , وَأَمَرَ أَنْ يُقَاتِلَ دُونَهُ فَيَقْتُلُ مُصِيبًا سَدِيدًا , أَوْ يُقْتَلُ بَرِيئًا شَهِيدًا , وَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام مَالاً مِنْ مَالٍ. وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ , وَعَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما يَرَيَانِ السُّلْطَانَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرَ السُّلْطَانِ سَوَاءً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. ذِكْرُ مَا قِيلَ فِي آيَةِ الْمُحَارَبَةِ قَالَ عَلِيٌّ : قَالَ قَوْمٌ : آيَةُ الْمُحَارَبَةِ نَاسِخَةٌ لِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُرَنِيِّينَ , وَنَهْيٌ لَهُ عَنْ فِعْلِهِ بِهِمْ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ الْوَلِيدِ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتُوا إبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا , فَفَعَلُوا , فَقَتَلُوا رَاعِيَهَا وَاسْتَاقُوهَا , فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً , فَأُتِيَ بِهِمْ , فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ , وَأَرْجُلَهُمْ , وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ , وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ , وَتَرَكَهُمْ حَتَّى مَاتُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَطَعَ الَّذِينَ سَرَقُوا لِقَاحَهُ , وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ بِالنَّارِ , عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ , وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ قال أبو محمد رحمه الله : كُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلِهِ إنَّهُ مَنْسُوخٌ إِلاَّ بِيَقِينٍ مَقْطُوعٍ عَلَى صِحَّتِهِ , وَأَمَّا بِالظَّنِّ , الَّذِي هُوَ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ فَلاَ. فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : أَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ , فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخٍ أَصْلاً لاَ بِنَصٍّ ، وَلاَ بِمَعْنًى وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ أَيْدِي الْعُرَنِيِّينَ وَأَرْجُلَهُمْ , وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ , وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ , وَتَرَكَهُمْ حَتَّى مَاتُوا , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ الْمُحَارَبَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ : أَنَّ نُزُولَ آيَةِ الْمُحَارَبَةِ ابْتِدَاءُ حُكْمٍ , كَسَائِرِ الْقُرْآنِ فِي نُزُولِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ , أَوْ تَصْوِيبًا لِفِعْلِهِ عليه السلام بِهِمْ ; لأََنَّ الآيَةَ مُوَافِقَةٌ لِفِعْلِهِ عليه السلام فِي قَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ , وَزَائِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ تَخْيِيرًا فِي الْقَتْلِ , أَوْ الصَّلْبِ , أَوْ النَّفْيِ وَكَانَ مَا زَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ السَّمْلِ , وَتَرْكِهِمْ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا قِصَاصًا بِمَا فَعَلُوا بِالرِّعَاءِ : كَمَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الأَعْرَجِ مَرْزُوقِيٌّ ثِقَةٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلاَنَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ : إنَّمَا سَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ الْعُرَنِيِّينَ ; لأََنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْنَا أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرِّعَاءَ. فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ أُولَئِكَ الْعُرَنِيِّينَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ حُقُوقٌ : مِنْهَا الْمُحَارَبَةُ , وَمِنْهَا سَمْلُهُمْ أَعْيُنَ الرِّعَاءِ , وَقَتْلُهُمْ إيَّاهُمْ , وَمِنْهَا الرِّدَّةُ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ إقَامَةُ كُلِّ ذَلِكَ , إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْحُدُودِ أَوْجَبَ بِالْإِقَامَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَائِرِهَا , وَمَنْ أَسْقَطَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ فَقَدْ أَخْطَأَ , وَحَكَمَ بِالْبَاطِلِ , وَقَالَ بِلاَ برهان , وَخَالَفَ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقِصَاصِ فِي الْعُدْوَانِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ فِي الْمُحَارَبَةِ , فَقَطَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُحَارَبَةِ , وَسَمَلَهُمْ لِلْقِصَاصِ , وَتَرَكَهُمْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا , يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا ; لأََنَّهُمْ كَذَلِكَ قَتَلُوا هُمْ الرِّعَاءَ فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الزِّنَادِ فَمُرْسَلٌ , وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ , وَلَفْظُهُ مُنْكَرٌ جِدًّا ; لأََنَّ فِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاتَبَهُ رَبُّهُ فِي آيَةِ الْمُحَارَبَةِ , وَمَا يُسْمَعُ فِيهَا عِتَابٌ أَصْلاً ; لأََنَّ لَفْظَ " الْعِتَابِ " إنَّمَا هُوَ مِثْلُ قوله تعالى وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُحَارَبَةِ , فَلَيْسَ فِيهَا أَثَرٌ لِلْمُعَاتَبَةِ. وَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ فَحَقٌّ , وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فِي وِرْدٍ ، وَلاَ صَدْرٍ وَإِنَّمَا يَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا مَنْ يَسْتَسْهِلُ الْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَثَّلَ بِالْعُرَنِيِّينَ , وَحَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا , بَلْ هَذَا نَصْرٌ لِمَذْهَبِهِمْ فِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ بِشَيْءٍ مَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْتَلَ بِمِثْلِهِ ; لأََنَّهُ مُثْلَةٌ وَهُمْ يَرَوْنَ عَلَى مَنْ جَدَعَ أَنْفَ إنْسَانٍ وَفَقَأَ عَيْنَيْ آخَرَ , وَقَطَعَ شَفَتَيْ ثَالِثٍ , وَقَلَعَ أَضْرَاسَ رَابِعٍ , وَقَطَعَ أُذُنَيْ خَامِسٍ : أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ كُلُّهُ , وَيُتْرَكَ , فَهَلْ فِي الْمُثْلَةِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا لَوْ عَقَلُوا عَنْ أُصُولِهِمْ الْفَاسِدَةِ وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ , أَوْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُثْلَةً , إنَّمَا الْمُثْلَةُ مَا كَانَ ابْتِدَاءً فِيمَا لاَ نَصَّ فِيهِ , وَأَمَّا مَا كَانَ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا كَالرَّجْمِ لِلْمُحْصَنِ , وَكَالْقَطْعِ أَوْ الصَّلْبِ لِلْمُحَارِبِ , فَلَيْسَ مُثْلَةً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ مَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أرنا هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ , وَحُمَيْدٍ , كِلاَهُمَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَفَعَلُوا , فَصَحُّوا , ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ فَقَتَلُوهُمْ وَارْتَدُّوا عَنْ الإِسْلاَمِ , وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَأُتِيَ بِهِمْ , فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ , وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ , وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسٌ مِنْ عُرَيْنَةَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ خَرَجْتُمْ إلَى ذَوْدِنَا فَكُنْتُمْ فِيهَا , فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا , وَأَبْوَالِهَا فَفَعَلُوا , فَلَمَّا صَحُّوا قَامُوا إلَى رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلُوهُ وَرَجَعُوا كُفَّارًا , وَاسْتَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِمْ , فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ , وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذِهِ كُلُّهَا آثَارٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الْمُحَارِبُ يُقْتَلُ.
|